![]() |
بيان دولي
فيدرالية منظمات حقوق الإنسان السودانية:
قرار مجلس حقوق الإنسان انتصارٌ للضحايا ورفضٌ لسياسة الإفلات من المساءلة الدولية
جنيف – قصر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان
أشادت فيدرالية تحالف المنظمات السودانية الحقوقية (وتضم 32 منظمة مدنية سودانية) بقرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رقم 18/60 الصادر يوم الاثنين الموافق 6 أكتوبر 2025، بشأن تجديد تفويض بعثة تقصّي الحقائق الدولية في السودان لمدة عام واحد، والذي حظي بتأييد واسع من 24 دولة، مقابل 11 دولة صوتت ضده، في حين امتنعت 12 دولة عن التصويت.
وأكد القرار على توسيع نطاق ولاية البعثة لتشمل مراقبة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وتعزيز دور المحكمة الجنائية الدولية في ملاحقة مرتكبي الجرائم ضد المدنيين في السودان. كما شدّد القرار على ضرورة تمكين اللجنة من أداء مهامها باستقلالية تامة للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة للقانونين الدولي الإنساني والدولي لحقوق الإنسان في جميع أنحاء السودان.
وأوضح القرار أن الانتهاكات المرتكبة في السودان تُعدّ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، داعيًا إلى ضمان حماية المدنيين وفقاً لمبادئ القانون الدولي ورفض سياسة الإفلات من العقاب.
وأعربت الفيدرالية عن استنكارها الشديد لموقف حكومة بورتسودان العسكرية الرافض للقرار وتصويتها ضده، ووصفت مبرراتها بـ”الواهية”، معتبرةً ذلك إخلالاً بالالتزامات الدولية وتنصلاً واضحاً من مسؤولية حماية المدنيين ومساءلة الجناة وتحقيق العدالة للضحايا. كما ثمّنت الفيدرالية مواقف الدول التي أيّدت القرار ودعمته، مشيرةً إلى أن الوضع الإنساني في السودان يزداد تدهوراً ويتطلب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي لضمان حماية المدنيين وتمكينهم من حقوقهم التي كفلتها المواثيق الدولية.
وأكّدت الفيدرالية أن القرار شدّد على أهمية تفعيل القانون الجنائي الدولي ودور المحكمة الجنائية الدولية، ودعم جهود الآلية الرباعية الهادفة إلى وقف الحرب وإحلال السلام وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق في إطار هدنة إنسانية شاملة. كما أكّد القرار على مبادئ العدالة الانتقالية الشاملة التي تضمن إنصاف الضحايا وتعويضهم وتعزيز المصالحة الوطنية، موضحةً أن السلام العادل في السودان لا يمكن أن يتحقق إلا عبر المساءلة ووضع حد للإفلات من العقاب.
وقال الأستاذ أرباب أبوكيف، رئيس فيدرالية منظمات حقوق الإنسان السودانية، إن هذا القرار يمثل انتصاراً للضحايا المدنيين الذين عانوا من أبشع الانتهاكات والجرائم غير الإنسانية على يد الجيش السوداني، ويُعدّ نهايةً لمحاولات طمس الحقيقة أو الالتفاف عليها عبر تحقيقات شكلية تهدف إلى تقويض العدالة وحماية الجناة واستمرار الانتهاكات.
وأوضح أن القرار يعكس إرادةً دوليةً جماعية لمعالجة الوضع الإنساني في السودان، مشيراً إلى أن نسبة التأييد الحالية هي الأعلى منذ إنشاء اللجنة في عام 2023. وأضاف أن الدول الممتنعة عن التصويت ليست بالضرورة معارضة للقرار، بل إن نتيجة التصويت تعكس القلق البالغ لدى المجتمع الدولي من استمرار الانتهاكات الجسيمة، وتؤكد التزاماً متزايداً بضرورة وضع حد للجرائم التي يتعرض لها المدنيون والسياسات التي تنتهجها حكومة بورتسودان العسكرية الهادفة إلى إطالة أمد الحرب وتقويض أسس العدالة.
ودعا رئيس الفيدرالية إلى تعزيز استقلالية اللجنة وتوفير الموارد المالية والخبرات الفنية اللازمة لتمكينها من أداء ولايتها بكفاءة في جميع مناطق السودان، كما دعا إلى دعم المنظمات الحقوقية السودانية لبناء قدراتها في مجال الرصد والتوثيق بما يساهم في دعم عمل اللجنة. وحثّ المنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني السودانية على تجديد التزامها بحماية حقوق الإنسان والتمسك بالقيم والمبادئ الدولية الراسخة في هذا المجال.
وجاء القرار عقب استعراض تقرير البعثة الدولية أمام مجلس حقوق الإنسان في 8 و9 سبتمبر 2025، والذي كشف عن حجم الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب الموثقة في السودان، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون، والعنف الجنسي، والقصف الجوي العشوائي، والتهجير القسري.
وخلال الحوار التفاعلي حول التقرير، شدّدت معظم الدول الأعضاء على ضرورة استمرار تفويض اللجنة وتعزيز ولايتها لضمان مساءلة المسؤولين عن الجرائم، وحماية الضحايا والشهود، ومنع محاولات طمس الحقائق أو التلاعب بها من قبل ما يُعرف بـ”حكومة بورتسودان العسكرية”، التي بذلت جهوداً دبلوماسية مكثفة لإلغاء تفويض اللجنة.
وأكدت الفيدرالية أن القرار الجديد أعاد الأمل لمئات الآلاف من الضحايا والنازحين الذين فقدوا الثقة في العدالة المحلية ويتطلعون إلى تحقيق العدالة الدولية. كما أعربت عن تقديرها للمنظمات الحقوقية الدولية التي شاركت في جلسات الحوار التفاعلي، مؤكدةً أن موقف الفيدرالية المعلن أمام المجلس كان واضحاً بدعمه لتجديد تفويض اللجنة وتعزيز ولايتها وتأكيد مرجعية القانون الدولي الإنساني والمساءلة الجنائية الدولية، وهي المطالب التي استجاب لها المجلس في قراره الأخير.
وتدعو الفيدرالية جميع القوى المدنية والمجتمعية والمنظمات الحقوقية السودانية إلى تعزيز التعاون والشراكة مع بعثة تقصّي الحقائق وتزويدها بالمعلومات والشهادات الموثقة، كما تحثّ المجتمع الدولي على توفير الدعم المالي والسياسي الكافي لضمان تنفيذ القرار بكفاءة، وتمكين البعثة من أداء مهامها بحرية واستقلالية في جميع مناطق السودان.
وتؤكد الفيدرالية أن هذا القرار يمثل خطوةً متقدمةً على طريق العدالة ورسالة أمل جديدة نحو السلام وإنهاء المعاناة الإنسانية وتحقيق العدالة في السودان.
صادر في قصر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان – جنيف
في 6 أكتوبر 2025م
فيدرالية منظمات حقوق الإنسان السودانية
